قد انکشف لأرباب البصائر النوریة إنّ هذا البدن بحسب مشاعره و روازنه یشبه الجحیم و أبوابه، و انکشف إنّه جلس على أبواب هذا الجحیم تسعة عشر نوعا من الزبانیة و هی الحواسّ الخمس الظاهرة، و الخمس الباطنة، و قوّتا الشهوة و الغضب و القوى السبع الطبیعیة و کلّ واحدة من هذه التسعة عشر و إن کان واحدا بالجنس، إلّا إنّه یدخل تحت کل واحدة منها أفراد لا نهایة لها بحسب الشخص و العدد و اعتبر ذلک فی القوّة الباصرة فإن الأشیاء التی تقوى الباصرة على إدراکها أمور غیر متناهیة، و یحصل من إبصار کل واحد منها أثر خاصّ فی القلب، و ذلک الأثر یجرّ القلب عن أوج عالم الروحانیّات إلى حضیض عالم الجسمانیّات. و إذا عرفت ذلک ظهر انّ مع کثرة هذه العلائق و العوائق کیف یتیسّر للقلب خلاص عن هذه الظلمات الشاغلة له عن عالم الأنوار الإلهیات إلّا باعانة اللّه و إغاثته و جذبه. و لهذا قیل: جذبة من جذبات الحقّ توازی عمل الثقلین.
و لمّا ثبت انّه لا نهایة لجهات نقصانات العبد و درجات فقره و فتوره و قصوره، کما لا نهایة لکمال رحمة اللّه و قدرته و مبالغ عنایته و حکمته ثبت انّ الاستعاذة باللّه واجبة فی کلّ الأوقات عقلا، کما یجب سمعا فیجب علینا فی أول کل قول و عمل، و مبدأ کل لفظة و لحظة أن نقول ضمیرا او لسانا: أعوذ باللّه من الشّیطان الرجیم
تفسیر القرآن الکریم (صدرا)، ج1، ص: 7
- ۰ نظر
- ۱۶ مرداد ۹۳ ، ۱۵:۰۷